تلاشي



 






ولكن الكلمات تتلاشى دائمًا في الوقت الّذي نحتاجها فيه، تغرق فينا بدل أن تنقذنا من الغرق، وكنت دائمًا ما أتسائل عن سر اختفائهاوغرقها وتلاشيها فجأة، وعن المكان الّذي تذهب إليه، لا يعقل أنها تختفي كهذا وتخطف المعنى معها، هي تذهب ولكن معناها يتشكل فيمكانٍ آخر وبصورةٍ أخرى.

ومن أرق الأماكن الّتي ينعكس فيها معنى الكلمات الغارقة المتلاشية ويظهر بصورة جليّة واضحة هي العين، حيث أنك ترى النفس كلّهابفرحها وسرورها، حزنها وأساها، خوفها وقلقها، شوقها وتوقها، انكسارها وقوتها منعكسة في لمعان العين وانطفائها، خطفاتها وتحديقاتها

إن من يلحظ العين ويتأمل حديثها وتلفته تعابيرها ويفهم عمق ما ترميه من معانٍ وكلمات تجده هاربٌ من كلماته لنظراته دائمًا ذلك أنها أصدقوأوجز في نقل المعنى وأمتع وأبلغ في نقل الشعور كما قال ابن القيّم -رحمه الله-: "دلالة العين أبلغُ من اللسان؛ لأنَّ دلالتها حاليَّة بغير اختيارصاحبها، ودلالةُ اللسان لفظيَّة تابعةٌ لقصده"

فالكلمات تكذب ولكن العين لا تكذب، الكلمات تخون والعين تنقذ، والكلمات تعجز والعين تقوى، وكلّ عصيّ على القول جليّ على العين


‏"إنَّ العُيُون لها بَوْحٌ وَرَقْرَقـَة ...

أسْمَى وأفْصَحُ ممَّا قِيـلَ أو كُتـِبا"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعلمتِ ماذا؟

اعقلها وتوكل

-