نور نهاية النفق ..

 



تركت خلفي كل شيء وسرت في التيه مرة أخرى، سرت أحمل نفسي وروحي، أبحث عن شغفي وأطارد أحلامي، مضيت ولستأدري إلى أين، لا وجهة ولا رفيق، تركت كل شيء، تركت الماضي بكل ما فيه، برغم ما لاقيته فيه وبرغم ما أهداني إلا أنه لم يكن باستطاعته سد ثغرٍ من ثغور روحي، مضيت يا صديقي سائرًا بمعية الله أتلمس ألطافه في كل أقداره وأطلب العون منه والتيسير، مررت بلحظاتٍ توقفّت الحياة فيها كانت تسير بلا حراك وتمضي بدون أثر لم تكن مُرّة بل الأسوأ أنها كانت بلا طعم، كُنت أسير في نفقٍ طويل مظلم مترقبًا لبصيص نورٍ يُعلن نهاية النفق، ولكنلا شيء

 

لم أكن وحدي في ذلك النفق كان يضجّ بالتائهين مثلي، كان مليئًا بالمثقلين والحالمين، والبائسين والمتفائلين، والسعداء والأشقياء الكل كان يعبر هذا النفق منهم من أمسك بيدي ومنهم من سار معي ومنهم من تحدث اليّ وبرغم كلّ هذا وبرغم الضوضاء وكل العابرين، كنت وحيدًا، وحيدًا وسط الزحام

مضيت بعون الله أجر الأيام خلفي وأصحب من صحبني وبالرغم من كثرتهم فلا أحد يعرفني، 

لا أحد في هذا النفق يعرفني فأنا بذاتي نفقٌ يصعب المرور فيه.


وتمر الأيام ويأتي يومٌ أدرك فيه أن النور لن يأتي أبدا، فالنور ما يُشعّ من روحك لا ما تراه في نهاية النفقأنا الآن في المنتصف؛ نورالبداية اختفى ونور النهاية لم يظهر بعد، لا نور إلا نوري ولا ضياء إلا أنا والخيار بيدي، لا أدري ما الّذي حصل ولكن روحي تقاوم وتحاول حتى شعّ نورٌ في وسط النفق أضاء الطريق لي وللعابرين معي، شعرت بروحي خفيفة من جديد تعبر الأيام الثقيلة والخفيفة تمرّ بالعقبات وتتخطاها يخفت نورها كثيرًا ولكنه يظل مضيئًا لا ينطفئالنور هذا هو ما  أبصرت به نفسي وطريقي وبدأت أعرف وجهتي ووجدت رفيقي.


إن ما تدركه روحي الآن أعمق بكثير مما مضى، تدرك أن الله معها وأنها به وبقربه مُنيرة، تُدرك أن الأيام تمضي مهما كانت فلماذا نقف عليها؟، تدرك أن الحياة ستمضي بحلوها ومرّها فتعيش لحظاتها بكل تفاصيلها الحلوة والمرّة، تدرك أن الأيام الثقيلة تخبئ خلفها أيامًا خفيفة وأن الحياة مُجردّ حياة، الحياة مجرّد حياة، الحياة مجرّد حياة، وأن الجنّة هي المأوى بإذن الله تعالى

تدرك أن للأشخاص حولها أثر مهما كان عبورهم بسيط وأنها كذلك لها أثرٌ كبير في كل مكان توجد فيه


أما نهاية النفق فهناك بصيص نورٍ يطلّ بين الفينة والأخرى ألمحه بعيدًا جدًا وأترقّبه بشوق.  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعلمتِ ماذا؟

اعقلها وتوكل

-