صندوق الذكريات ..
في ختام قصيدته (الأربعون لو أنها تتكلم) قال إيليا ابو ماضي:
"وكذا الحياةُ قديمها وحديثها
ذكرى نسرُّ بها وذكرى تؤلمُ!"
في أحيان كثيرة تكون الذكريات ضمادًا يداوي جرح الأيام وفي أحيان أخرى قد تكون الجرح نفسه.
لا شيء يُهدهد المشاعر مثل الذكريات؛ فهي تبعث في النفس شوقًا ولهفةً لعيشها مرةً أخرى، وتؤنس الروح، وتوقظ أحاسيس تراكمتعلى رفوف الأيام والسنين.
وجود ذكريات ملموسة كالصور وغيرها يضاعف الحنين لأيامٍ طوتها السنين؛ ملابسك التي أصبحت بمقاس يدك الآن، لعبتك المفضلة،زي الصف الأول الابتدائي، صور تجمعك باصدقائك القدامى، دفاتر الثانوية، رسائل الأصدقاء، بطاقات الهدايا، وغيرها الكثيروالكثير.
أنتَ لا تستطيع مقاومة الذكريات تحبها كثيرًا وتحنّ لها، تفتح صندوق ذكرياتك بين الحين والآخر تقلب الصور، وتعبث بكل الأشياءفي الصندوق، تقرأ الرسائل وتتأمل فيها طويلًا، وربما أيضًا تشم رائحة عطرٍ ظلت حبيسة الصندوق طوال هذه السنوات، تجلسوسط ذكرياتك لوقتٍ طويل تفكر، وتعبث بداخلك، وتطلق شريط الذكريات في ذاكرتك، الشريط الّذي لا ينتهي ولو انتهى! فإنه يعيدنفسه، ذكريات طفولتك وأول أيام الدراسة، وذكريات أصحابك القدامى وجدك الّذي فقدته، وذكريات المدينة التي قضيت بها فترة منعمرك الذي أحببته، وذكريات الثانوية والمرحلة الجامعية.
ذكرياتك تعبث بك لدرجة أنك تحن للشهر الماضي من حياتك، هذا ما يحدث عندما تسقط في بئر الذكريات فلا شيء يخرجك منه ولاشيء يوقف تدفق المشاعر، فتراك تبتسم وتبكي وتحسّ بكل الأحاسيس مرة واحد، حتى تبدأ في لملمة صندوقك وإغلاقه حينها يتوقفالشريط وتعود للواقع.
تعليقات
إرسال تعليق